من كفركلا.. وبوابةِ فاطمة, الى رميش وأخَواِتِها/ هذه ليست جغرافيا قاحلة وقرىً تَحررتِ اليوم, بل كانتْ أرواحاً تمشي على الأرض, تَستعيدُ نَفَساً قَطَعَه الاحتلالُ لأشهرٍ عدة, فانحنى ترابُها امام العائدين/ هي الأرض.. قَبّلتْ ناسَها, وكادت تَخرُجُ من باطنِها لتحتفيَ بالراجِعين إليها, ولم يكنْ في الاستقبالِ بيوتٌ وجُدرانٌ وأشجارٌ وارِفة/ فقط كان رَمادُ المدنِ يَعِدُ أهلَ القرى باسترجاعِ نسيمِها وسيادتِها وتلالِها/ وقد احتَفظت اسرائيل بخمسٍ من هذه التلال لاعتبارِها أنها ستشكلُ مِظلَّةَ أمانٍ للمستوطنين في الشمال الفلسطني المحتل/ لكنَّ تمسكَ العدوِّ بأرضٍ لبنانية واقتطاعِها من ارتفاعات القرى سوف يَضعُ المواقعَ الاسرائيلية نفسَها أمام الخطر.. وطالما هناك احتلالٌ سيكون هناك مواجَهة/ واياً تكنْ سبلُ وخِياراتُ هذه المواجَهة، فقد اكد عليها اليومَ لبنانُ الرسميُّ بقياداته الثلاث في اجتماعٍ استثنائي ضمَّ رئيسَ الجمهورية العماد جوزيف عون، ورئيسَ مجلس النواب نبيه بري ورئيسَ الحكومة نواف سلام/ وتمسكتِ الدولةُ اللبنانية بحقوقِها الوطنيةِ كاملةً وسيادتِها على كامل أراضيها، واكدت حقَّها باعتماد كلِّ الوسائلِ لانسحاب العدو الاسرائيلي/ وأَقرتِ اعتبارَ استمرارِ الوجودِ الإسرائيلي في أيِّ شبرٍ من الأراضي اللبنانية احتلالًا معَ كلِّ ما يترتبُ على ذلك من نتائجَ قانونيةٍ وَفق الشرعية الدولية/ واتَّخذ الاجتماعُ الثلاثي خُطوةً متقدمة في العمل الدبلوماسي، إذ تقرَّر التوجهُ إلى مجلس الأمن الدولي لمطالبتِه باتخاذ الإجراءاتِ اللازمة لمعالجة الخروقاتِ الإسرائيلية وإلزامِ إسرائيل بالانسحاب الفوري حتى الحدودِ الدولية، وَفقاً لما يقتضيه القرارُ الأممي1701،// جدارٌ صُلبٌ من المواقفِ الرسمية يترافَقُ وتحريكَ الاتصالاتِ اللبنانية مع اميركا وفرنسا للضغط على اسرائيل من اجل استكمالِ الانسحاب لكنَّ العدو لم يعلِنْ ايَّ تجاوبٍ مع هذه الاتصالات، وقال وزيرُ الخارجية جدعون ساعر إن بقاءَ الجيش الاسرائيلي في المناطقِ الخمسِ مؤقتٌ/ وإذا التزمَ لبنان بالاتفاقِ فلا داعيَ لبقائِنا في هذه النِقاط// في مَيدان العودة تخَطَّى الجنوبيون هذه التصريحات.. ودخلوها بعنفِ الشوق اليها وقَدَّم الجيشُ اللبناني أداءً مُذهلاً في الانتشار وإحكامِ القبضة فيما كان جنديٌّ واحد يترجِم عقيدةَ المؤسسةِ العسكرية الوطنية عندما أَنزلَ العَلَم الاسرائيلي عن ساريته أثناء تقدمِ قواتِه إلى داخل بلدة ميس الجبل/ وفي كفركلا.. أُم ٌّ ظَلت تراقبُ نجماً يَحومُ على جُثة ابنِها في الظلام.. فعاد مُحتفِلاً بالنَّجاة/ بَحثت عنه شهيداً فرجع اليها شاهِداً على اشهرٍ من الحصار/ حكايا كثيرةٌ زَرعتها الحرب.. ونَبتتِ اليومَ من فوق التلالِ الخمس.