في تجرِبتِه الطويلة كخبيرٍ رئاسيٍّ محلَّف، كان جان عبيد قد أَدركَ أصولَ الُّلعبة/ هو طافَ مِراراً حول القصر ولم يَدخلْه رئيساً/ وأَلَمَّت به الفخامةُ قبل أن يُلِمَّ به المرض، لكنه رَحَلَ وهو على قناعةٍ بأنَّ رئيسَ جمهوريةِ لبنان يَنزِلُ بمرسومٍ إلهي قبل ليلةٍ من جلسة الانتخاب/ وعقيدةُ الرَّجُلِ العالِمِ بخفايا تحضيرِ أرواح الرئيس لا تزال ساريةً سَواءً بخلافاتِ اللبنانيين على جنس الملاك الرئاسي او بدخول الدولِ عاملاً مرطِّباً أو مؤسِّساً// يتغيرُ الأوصياءُ على الرئاسية ولا تتبدلُ العقليةُ اللبنانية.. تزولُ دولٌ وانتداباتٌ وأنظمة.. فنَستدعي دولاً غيرَها ونجلِسُ نترقَّبُ الكتلَ المُمسِكةَ بعُنُقِ الرئاسة، ونشاهدُ صراعَها الوطني على الميثاقية والتمثيل والحيثية وبكلِّ روحٍ طائفية// لا تبديلَ في الذهنية حتى وإنْ كانت جلسةُ الشهر المقبل ستُعقد على ارتفاع حربٍ مدمرة.. آلافُ الشهداء.. وركامٌ يملأ البلاد.. ومدنٌ من رَمَاد/ ولتاريخه, يتقدمُ قائدُ الجيش.. تتراجع آلياتُه الدستورية/ تُطرح اسماءٌ في مقاعدِ الاحتياط.. فيَنزِلُ الحِرمُ على بعضها/ تُسوَّقُ شخصياتٌ.. فتَنتفضُ مرجِعيات/ ومعَ تقدمِ الجلسة في العمر واقترابِ نضوجِها فإنه لا شيءَ محسوماً سوى التزامِ بعضِ الكتل بعدم تعطيلِ النصاب, حتى أن هذا الالتزامَ لم تَحسِمْهُ القواتُ اللبنانية بعد ولا تزالُ في منطقةٍ رَمادية بين الحضور والتغيب لدواعٍ ذاتية تتعلق بشخص الحكيم/ ويقول الرئيس بري في هذا الإطار إنه "ما بيمشي بلا قوات"، وهو اكد امام النائب وضاح الصادق أنه يسيرُ بالجلسة "للآخر وما رح يطلع قبل انتخاب رئيس"، ويعملُ اليومَ على أخذِ أسماءٍ من الكتل الكبيرة للوصول الى توافق/ أما عن اسم قائد الجيش فيقول "لا توافقَ بعد.. فهو يحتاجُ الى تعديلٍ بنصاب 86 ولم يحصُلْ عليه للآن"،/ ومعَ ترهُّلِ قوىً نيابيةٍ وعدمِ إقدامِها على الحسم، يَبرزُ توغلٌ نيابي يقودُه النائب فيصل كرامي لتكوين حاصلٍ يَقتربُ الى الميزان. واعلن كرامي للجديد أننا نعمل بجَهدٍ لانشاء جبهةٍ سُنية وطنية تَجمعُ عدداً كبيراً من نواب السُّنة ونتحالفُ فيها معَ كتلٍ نيابية حتى نصبحَ جبهةً لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يتجاوزَها في المرحلة المقبلة كما كان يحصُلُ في مراحلَ سابقة// ومُرتاحاً الى التسمية الرئاسية يسافرُ وليد جنبلاط الى سوريا التي لم يدخُلْها منذ آخِر لقاءٍ معَ بشار الاسد في آذار العام ألفينِ وعَشَرَة/ ويَدفعُ زعيمُ الدروز بكل ثقلِه النيابي والسياسي والديني الى الشام لعَقدِ أُولى اللقاءاتِ معَ القيادةِ السوريةِ الجديدة/ وهذه القيادةُ لا تزال في مرحلة تفكيك ماسبَقَها من نظامٍ قام على التخدير.. سَواءً عبر كتمِ الانفاس، او من خلال سحبِها في جمهورية الكبتاغون العظمى/ واتَّضَح بعد اسبوعينِ من تحريرِ سوريا أنَّ الدولةَ العميقة كانت في مَعمل المخدِّرات/ ولطالما كان لبنان ممراً لهذه الحبوب، ما تسبَّبَ في قطع شرايينِه العربية في التصدير على مختلف انواعه التجارية// امبراطوريةُ الكابتاغون السورية.. تتفكَّكُ اليومَ لكنْ بعدما "دَوَّخت" جمهوريةً لبنانية.