سوريا بين فَكَّي الأسد والجولاني القادم الى المدن متنكِّراً بحُلَّته المدنية المنقَّحة عن زمن الارهاب/ وفي مشهدٍ انقلبَ رأساً على حلب.. تلعبُ الدولُ في المسرح السوري فتنضمُّ حماة الى قافلة المحافظات المسلوبة من النظام/ وتتهدد حِمص وترتفعُ مسيّراتٌ فوق دمشق/ وحلَّتِ الدوحة محلَّ آستانا، في عملية تسليمٍ وتسلمٍ لم تَسْلَمْ منها سوريا/ وثلاثيةُ روسيا وتركيا وإيران/ والتي عادتِ اليومَ للتفاوضِ بالنار في العاصمة القطرية بلقاءٍ مرتقبٍ غداً على مستوى وزراءِ الخارجية// حلولُ الأمسِ انتهت مدةُ صلاحيتِها/ ولم تعُدْ تتلاءمُ معَ سيناريو الأرضِ المفاجئ/ فكانت كلمةُ السر على مقياس زمن "ردع العدوان"،/ حيث اجتاح "تسونامي" هيئةِ تحرير الشام وتوابعِها، برَّ المدنِ السورية الاستراتيجية/ وفي رسالةٍ مسيّرة إلى العاصمة دمشق وقصرِها الرئاسي، أَسقطت دفاعاتُ الجيشِ السوري مسيّرتين من سِربٍ معادٍ اخترقَ فضاءَ العاصمة// وفي قراءةٍ لمجريات المَيدان/ غَيَّرتِ المعارضةُ المسلحة خريطةَ حلب وريفِها في عمليةِ ضمٍّ لمنطقةِ خفضِ التصعيد ومقرُّها إدلب/ وكَسَرتِ الحدودَ التي ثبَّتها مسارُ آستانة فدخلتْ إلى حماه بعد اشتباكاتٍ ضارية مع الجيش// الجولاني أعلن أن دخولَ حماه لا ثأرَ فيه/ والجيشُ السوري برَّر سقوطَ المدينةِ الاستراتيجية في عمقِ سوريا والتي تربِطُ حلب بدمشق/ بإعادة الانتشار والتموضع خارجَ المدينة/ حفاظاً على أرواح المدنيين وعدمِ زجِّهم في المعاركِ داخلَ المدن/ السيطرةُ على حماه تعني فتحَ الطريقِ نحو حِمص/ وهناك بيتُ القصيد اللبناني، اذ اتَّخذ الجيشُ تدابيرَ امنيةً على الحدود والمعابر تحسباً لايِّ اخطارٍ او تدفقِ نزوح.. وعدمِ الانخراط في معركةٍ صارت عالمية/ فجامعةُ الدول العربية عادت لتلعبَ دورَ المتفرِّج بعد الانفتاحِ على دمشق/ ايران يتمُّ تحجيمُ دورِها وكفُّ يدِها عن دعم النظام السوري وقطعُ طريقِ طهران دمشق بيروت عن إمداد حزبِ الله/ والابرز هو التنسيقُ التام بين روسيا وإسرائيل على أرض سوريا/ ودليلُها عدمُ اعتراضِ روسيا على قيام إسرائيل بضرب أهدافٍ إيرانية على الأراضي السورية// وبطلُ الرواية دائماً.. رجب طيب اردوغان، اللاعبُ على وَتَرٍ اميركيٍّ اسرائيلي والعائدُ سلطاناً في الحرب السورية/ وامام هذا المسار فإنَّ بقاءَ الرئيسِ السوري مرهونٌ بتطبيقِ القرار 2254،/ بحيث بات للاسد خِياران: الجلوسُ معَ المعارضة على طاولةٍ واحدة/ وتشريعُ العمليةِ السياسية انطلاقاً من القرار الأممي/ وفكُّ الارتباطِ مع الجمهوريةِ الإسلامية الإيرانية// وحدَها اسرائيل الرابحة على المَقلبَين وهي تتابعُ مجرياتِ سوريا بتأهبٍ كبير وباستعدادٍ للدفاع والهجوم كما قالت/ وفيما كانتِ الأنظارُ متجهةً إلى حزبِ الله لرصد مدى انخراطِه في سوريا اثنين/ خَرَجَ أمينُه العام الشيخ نعيم قاسم مختصِراً اللاعبين: فالعدوانُ ترعاه اميركا واسرائيل، وسنكون كحزبِ الله الى جانب سوريا بما يتمكّن/ لم يعلنْ قاسم جبهةَ اسنادٍ لسوريا/ وكانت اولويتُه تقديمَ الاسناد المالي للمتضررين من العدوان الاسرائيلي اذ اجرى مسحاً للتعويضات الاولية واعداً بدعمٍ في اعادة الاعمار/ سار الشيخ نعيم قاسم بين الارقامِ في التعويض ..وكذلك فَعَل في مقاربته اتفاقَ وقفِ اطلاقِ النار ومراحلَ تطبيقِه والياتِه .. لكنَّ تعبيرَ الانتصار الملاصق لللدمار والخَساراتِ الكبيرة لم يعدْ في مكانِه الصحيح .
والاعتراف بالخسارات هو من حكمة القادة الذين يقرأون الواقع على حقيقته.. اذ ان لبنان خسر بما يكفي لنعترف ان الانتصار كان عبارة لتهدئة النفوس لكن من تحمل وصمد وقاوم ونزح وفقد ارواحا لن تهزمه عبارة.. ولن تضلله جملة في غير موقعها.