بين استقلال واحتلال / اليوم قد بلغ الواحد والثمانين / ولا يزالُ في أول العمر/./ هو لبنانُ الوطنُ المجروح / يُحيي عيدَه اليومَ كأنه بالأمس.. نازِفاً من خاصرةِ الجنوب / من وطى الخيام إلى دردارة الشعر .. التي تحملُ في يدها سهل مرجعيون والماء الهدية .. وسلّم على .. سلّم على / تَئِنُّ الخيام الآنَ تحت أقدامِ جنودٍ اسرائيليين داسُوا الوردَ ودَنَّسوا الارض / فيما ترابُها لا يزالُ يَختزنُ أنينَ أسرى المعتقل/ ومِثلُها تقفُ شَمَع عند أبوابِ المَقام ترسِلُ معَ طير حرفا الصَّليات وتردِّدُ الصَّلَوَات / تؤازرُها كفركلا مُحَنَّاةَ القدَمَيْن بتراب فلسطين/ ليكتمِلَ المشهدُ عند مثلث التحرير وتَصْرُخَ عيتا "طمِّنونا عنكم " نحن لا زلنا نقاوم/ دخلَ الاحتلالُ قرىً في عيد الاستقلال وظَهرت دباباتُه في محيط ديرميماس ونَشَرَ مشاهدَ لآلياتٍ في الخيام وشَمَع وسَطَ تصدِّي المقاومة بالصواريخِ الموجَّهة والمسيَّرات . هو عيدُ الاستقلال يأتي هذا العام/ كأننا بين حربَينِ واحتلالَين 78 و82 / وما بينَهما حروبٌ صغيرة / عن أيِّ استقلالٍ نتحدثُ ولا يزال اللبنانّيُّ يبحثُ عن وطنٍ وعن هُوية وعن أمنٍ واستقرار/ وعن دولةٍ ذاتِ حريةٍ وسيادةٍ واستقلال/ نُحيي عيدَ الاستقلالِ اليومَ بدولةٍ بلا رأس / أطرافُها من أقصى الجنوب فالقلب في بيروت والضاحية إلى أقصى البقاع / صارت مختَبراً لفخرِ الصناعة الحربية وأدواتِ القتلِ والتدميرِ والنسف عن بَكْرَةِ التاريخِ والجغرافيا / هو استقلالٌ عن السيادة وفي وطنٍ منزوعِ الرأس / "بعبداهُ" فارغةٌ منذ عامين .. ومشروعُ رئيسِه يُخصَّبُ في لجانٍ خُماسية ورُباعية وثُلاثية/ يفصَّلُ على مَقاسِ الدولِ ومصالحِها/ من الأميركيِّ إلى الأطلسيِّ فالإيرانيِّ والعربيِّ والأعجمي ؟/ نال لبنانُ استقلالَه ذاتَ خريف / لكنه لم يستطِعْ أن يستقرَّ فيه / بقي تابعاً ومستَتْبَعاً للمَحاوِر والأَحلافِ والاتفاقيات /./ لم يَصُنْهُ الحِياد / ولم يَحْمِهِ النأيُ بالنفس/ ولا الانخراطُ في قضايا الإقليمِ وما وراء الأقاليم ./ شَاْبَ استقلالُنا ولم نَبلُغْ سِنَّ الرُّشدِ في ادارة البلاد.لم يبقَ من رائحةِ الاستقلال سوى عَلَمٍ مخَضَّبِ الجانبَيْنِ بالدماء الموحَّدة بين جيشٍ ومقاومةٍ ومدنيين / ونَشِيدٍ نردِّدُه سهلاً وجبلاً كلما ساوَرَتْنا الِمحَن/ واليومَ نستعيدُ الذكرى بحِرمانٍ من الاحتفالات والعرضِ العسكري واغنياتِه المدوِّية بالذاكرة .وعِوَضاً عن تغطيةِ العرضِ المَهيب وسيوفِ ضباطِه والاحتفاءِ برجالاتِ راشيا الاوَّلِين .. كان المشهدُ تلتهمُه النارُ من الضاحية واريافِها الى صور وعمقِ الجنوب فقرى البقاع .ومن تحت الركام يفاوِضُ لبنان ويَنتظرُ نتائجَ ضابطِ الايقاع الاميركي اموس هوكستين الذي حمل ملاحظاتِ لبنان إلى تل أبيب ومنها إلى واشنطن/ بعد سلسلة لقاءاتٍ اخترقها لقاءٌ من خارج دائرة بنيامين نتنياهو/ مع وزيرِ الحرب المُقال والخارجِ من الخدمة يوآف غالانت/ غالانت وصف اللقاء بالناجح وقال إنه نه سمع عن تقدم كبير على طريق التوصل إلى تسوية تضمن العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم/ إلا أن الكابينت الأمني الإسرائيلي ناقش الطروحات و لم يصوت عليها بعد/ وبناءً على ما تم تداوله في الإعلام العبري / لم يتم التوصل إلى توافق نهائي على جميع البنود خاصة الخلافية منها / لكن مصادر سياسية في اسرائيل توقعت أنه ربما في خلال أسبوع قد يعلن عن وقف إطلاق النار في حال تمت تسوية الخلاف حول أمرين/ حرية العمل العسكري في لبنان/ وتشكيل لجنة الإشراف الدولية على مراقبة وقف إطلاق النار
ولحينِ ظهورِ العلاماتِ الاسرائيلية الاميركية لشَهادة وقفِ اطلاق النار فان لبنان مسوّر ٌ بحزام الغارات .. بلدُ العيد .. يقفُ على حدود الايام الصعبة ويَنتظرُ خبراً يُطفِىءُ ناره.