وقال خلال لقاء للفرق العاملة في مشروع إعادة إعمار ما دمره العدوان الصهيوني على لبنان تحت شعار"وعدٌ والتزام" الذي في أقيم في قاعة الجنان بمناسبة إنطلاق عمل المرحلة الأولى من المشروع: لقد بقيت المقاومة في الميدان وفرضت على العدو أن يتراجع عن أهدافه الكبرى ولا يحقِّق أهدافه المرحلية بإعادة المستوطنين تحت النار، وعاد شعبنا رغم عظيم تضحياته مرفوع الرأس وهو على ثقة كاملة بمقاومته وبأنَّ هذه العودة ما كانت لتتم لولا صمود المقاومة ودماء شهدائها، لتنتصر من جديد إرادة البقاء في الارض على إردة التهجير وإرادة الحياة الحرَّة الكريمة على آلة القتل الاسرائيلية، واضاف: نحن هنا باقون في أرضنا وثابتون عليها ومتجذرون فيها تجذر الأرز في لبنان، وسنعيد إعمارها حتما، ولا يمكن للعدو ولا لأحدٍ في هذا العالم أن يقتلعنا من أرضنا أو أن يلغي وجودنا فيها أو أن يضعفنا في بلدنا، ومن يراهن على ذلك، إنما يراهن على أوهام وتخيلات وأماني لم تتحقق في الماضي ولن تتحقق في الحاضر ولا في المستقبل مهما كان حجم الكيد والتآمر والعدوان.
واعتبر ان واحدة من العناوين الأساسيَّة لهذا الانتصار هو مشروع إعادة الاعمار الذي نلتقي اليوم في رحاب مرحلته الأولى لنكمل إفشال أهداف العدو الذي كان يريد جعل على الأقل جنوب الليطاني منطقة عازلة ومحروقة وخالية من السكان.
وقال نحن نعرف أننا في موضوع الإعمار أمام تحدٍّ كبير، لكننا في حزب الله أخذنا على عاتقنا مواجهة هذا التحدّي مهما كانت الصعوبات، لأنّنا نعتبر أن مشروع حزب الله لإعادة الإعمار هو جزءٌ من مقاومته ضدَّ الاحتلال، ولذلك في الوقت الذي كان المجاهدون يسطِّرون ملاحم البطولة في مواجهة العدو كان اخوانهم في تشكيلات حزب الله يقومون بواجبهم اتجاه أهلهم النازحين أو يحصون الأضرار وكانت قيادة حزب الله في ظل القصف والغارات وتحت المسيرات تعمل على تحديث خطط إعادة الاعمار التي سبق للقائد العزيز الشهيد السيد هاشم صفي الدِّين أن وضعها، وصادق عليها الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله ، وهي التي أقرَّها بعد وقف العدوان الأمين العام سماحة الشيخ نعيم قاسم ونعمل اليوم على تنفيذها.
وأكد أنَّ مهمَّة إعادة الاعمار هي مسؤولية وطنية، فما نقوم به لا يُعفي الدَّولة من مسؤولياتها عن مواطنيها، وهي بدأت خطوات عمليَّة في هذا الشأن من خلال إصدار القرارات المتعلقَّة بإزالة الردم ومسح الأضرار، وهو ما بدأ من قبل الجهات الرسميَّة المعنيَّة بالتعاون مع البلديات والهيئات المحليَّة، ونحن من موقع تحمُّل المسؤولية نتعاون بشكل ايجابي مع هذه المؤسَّسات لتسهيل مهمَّاتها.
ولفت الى ان عملية اعادة الاعمار تم تقسيمها إلى مرحلتين: مرحلة الايواء والترميم، ومرحلة إعادة اعمار المباني والوحدات السكنيَّة المهدمة كليَّا
معتبرا ان كلا المرحلتين تعتمد على عملية مسح دقيقة تتولَّاها جهات فنيَّة متخصِّصة مثل شركتي معمار وآرش، وهذا الجهد يتكامل مع الجهد الذي تتولاه الجهات الرسميَّة المكلفَّة بالمسح التي هي حصرًا مسؤولة أمام الحكومة والمتضرِّرين لجهة التعويضات التي تقرِّرها الدولة.
وشدد على ان المسح الذي نقوم به يشمل المنازل والمباني والأقسام المشتركة من أجل المساهمة في إصلاحها، وكذلك تحديد مستوى الضرَّر اللاحق بالمباني المتصدعة وما يحتاج منها إلى تدعيم إنشائي أو هدم لإعادة إعمارها، وقد أعطينا الأولوية لإيواء العائلات التي تهدَّمت بيوتها كليًّا، ولترميم البيوت المتضرِّرة جزئيًّا لضمان عودة أصحابها بسرعة إليها.
معتبرا ان هذه الأولويات يتم العمل عليها وفق ما هو مقرَّر، وستصل المساعدة إلى كل مستحق ضمن مهل زمنية ألزمنا أنفسنا بها من أجل انجاز هذا المشروع الوطني في أسرع وقت ممكن.
وأمل من مالكي الشقق السكنية واالتجار واصحاب محلات المفرشات واللوزام المنزلية المساهمة في اعانة المتضررين وتخفيض قيمة المأجور وأثاث المنازل رأفة بهم ليتمكنوا من تدبير شؤونهم الحياتية بأقل كلفة ممكنة.
وقال لقد بدأنا العمل خلال فترة العدوان حيث كانت العديد من الفرق الفنية تعمل من أجل إعداد مسوحات أوليَّة، وبمجرد وقف اطلاق النار باشرنا تنفيذ المرحلة الأولى بعدما استكملت المناطق التنظيمية في حزب الله ومؤسسة جهاد البناء والجهات الأخرى المعنية تشكيل أكثر من مئة وخمسة واربعين فريقا متخصِّصا لمسح الأضرار، وبلغ عدد الذين يشاركون في في هذه الفرق وفي انجاز أعمال هذه المرحلة اكثر من ثلاثة آلاف شخص في كافة المناطق بينهم الف ومائتان وخمسون مهندسًا وثلاثمائة مُدخل معلومات ومئات المدققين والمخولين بدفع التعويضات ، وتمَّ افتتاح أكثر من مئة مركز لها في المناطق المتضرِّرة.
واضاف إنَّ المسوحات الميدانية تجري وفق قواعد مهنية وتشمل الأضرار في البناء وأثاث المنازل، وبتسهيلات لمصلحة المتضررين، وأصبحت عملية المسح الآن في الربع النهائي، حيث تمَّ الانتهاء من حوالي تسعين بالمئة من المسوحات في الضاحية الجنوبية وجبل لبنان والبقاع ، والانتهاء من حوالى ثمانين بالمئة من المسوحات في الجنوب ، عدا المناطق الحدودية التي سيبدأ العمل فيها فور سماح الظروف الأمنية.
واوضح ان عدد الوحدات السكنيَّة الممسوحة حتى الآن بلغت حوالى مأتين وثلاثين ألف وحدة سكنيَّة في كافة المناطق، ويتم دفع التعويضات لأصحابها باسم المتضرِّر من خلال وصل خاص في فروع القرض الحسن وهي المؤسسة التي حافظت على أموال الناس رغم ما تعرَّضت له من عدوان اسرائيلي ونهضت فروعها من تحت الركام لتواصل عملها في خدمة أهلنا الأوفياء.
واكد انَّ الدفوعات تتم بوتيرة أسرع مما هو متوقع نتيجة الجهد الكبير الذي تبذله فرق العمل المختصة، مع العلم أن نسبة التدمير والأضرار كبيرة جدًا وهو ما تنوء به دول كبرى.
ورأى انَّ اللجان المختصة تعمل بكل جدٍّ ونشاط من أجل الاسراع في انجاز مهامها ونحن نتابعها بشكل دائم من أجل توفير ما هو مطلوب لإنجاز هذه المرحلة، كي يتمكَّن أهلنا من العودة الكريمة إلى منازلهم وأرزاقهم وحياتهم الطبيعية، ونحن نقدِّر أن تنتهي هذه المرحلة في غضون شهرين باذن الله تعالى.
وطمئن بأن التمويل اللازم لمرحلة الايواء والترميم يجرى تأمينه بالكامل، وسيصل إلى المستحقين وفق ألية العمل المقرَّرة، وكل محاولات التشويش والتضليل لن تؤثر على مسار هذا المشروع الوطني والإنساني المقاوم، ولن تؤثر على ثقة شعبنا بمقاومته، وهو الشعب الذي قدَّم الدم في سبيل وطنه ليبقى حرًّا ويعيش بكرامة، فالمقاومة هي الناس والناس هم المقاومة ولا انفكاك بينهما.
واوضح بان التمويل اللازم لهذا المشروع يتم تأمينه بفضل الشعب الایراني الذی اجمع بکل أطيافه الوطنية على دعم الشعب اللبناني ولم يتخل عن مد يد العون للبنان ، شاكرا ايران وقائدها على محبته وعاطفته واهتمامه بلبنان وحرص الجمهورية الاسلامية على دعم بلدنا.
واضاف أقول لشعبنا العزيز ولأهل الكرامة والعنفوان إنًّ هذا المشروع بدأ وسنستكمله بعون الله تعالى. ومن خلال تعاونكم فإننا سنتمكن من انجازه بأسرع وقت ممكن من أجل العودة إلى البيوت بعزة وكرامة ومرفوعي الرأس كما كنتم دائمًا.
لقد انطلق هذه المشروع تحت عنوان "وعد والتزام" لنقول لأشرف الناس الذين دُمرت بيوتهم أو تضرَّرت إنَّ وعد سيد شهداء الأمَّة السيد حسن نصر الله، وخُطط شهيدنا القائد السيد هاشم صفي الدِّين والتزام أميننا العام الشيخ نعيم قاسم كلها سيتم إنجازها وستعود المنازل والقرى والمدن أفضل ممَّا كانت .
وأكد ان حزب الله بدأ بهذا المشروع انطلاقًا من تحمل المسؤولية الأخلاقية والشرعية والوطنية، وبخلفية ايمانية تهدف إلى نيل رضا الله عز وجل، ليس الهدف جلب مديح الناس ولا الخشية من ذم الناس، فما نقوم به هو واجبنا اتجاه شعبنا ومهما قدمنا له لا نفيه حقه، وهو الشعب المضحي والمقدام الذي يستحق بذل كل جهد في سبيل كرامته وعزته.
وقال إننا على ثقة بأننا قادرون على النجاح في هذا التحدي الجديد بالاتكال على الله والإخلاص في العمل وبقرار القيادة والجهود الكبيرة التي تبذلها وبالهمة العالية لفرق العمل وتوفر الإمكانات والتعاون مع أهلنا الشرفاء الذين نحي تجاوبهم وتحملهم وتفهمهم للظروف التي يجري فيها العمل.
واضاف اليوم بالإخلاص لله تعالى ولوطننا ولشعبنا في لبنان وبالعمل الجاد نُثبت انتصار الإعمار على الدمار وانتصار الإنسانية عى الهمجيّة، وانتصار المقاومة على العدوان، ونقول لكلّ الذين راهنوا على ضعف حزب الله وعجزه عن لملمة جراح الناس وإيوائهم والتعويض عليهم، إن رهانكم خائب وخاسر، وها هو حزب الله بفضل دماء الشهداء وبفضل المخلصين ينهض من بين براثن حرب تدميرية ليبرهن على صدق وعده وليعلن وقوفه كما في كل استحقاق إلى جانب أهله الصابرين .
وشدد على ان حزب الله سيمضي في مشروع (وعد والتزام) بكل إرادة وعزمٍ وقوة وسننجح في هذه المعركة بعون الله سبحانه وتعالى كما نجحنا في معركة الصمود والثبات والبقاء والمقاومة.