كان دوماً ينتمي إلى زمن آخر من الشرف والرفعة ،
في مسلكه كان دوماً زهد النساك وترفع الشرفاء، في لغته كانت دوماً أناقة الكلمة وتماسك التعبير وغرابة المفردات التي كنا نعجب ونتندر لها.
وفي كل شخصيته كان دوماً الجنوب ونضال أهله يفوح من كل ثنايا هالته وأنشودة شعره تكاد لا تتوقف:
شدي عليك الجرح وانتصبي عبر الدجى رمحا من اللهب
كان وكانت الخيام رفيقة روحه ومعها كل تراث اليسار والحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية :
أفديك بالأيام لم تشب
أفديك بالأقمار لم تغب
أفدي صباك الشهم مقتحما
ليل الردى بالساعد الترب.
كان الصادق الذي تلاقت عند ضفاف أخلاقه كل أطياف لبنان.
كان رجل القيم الذي ما ساوم على قناعاته ولا هادن في ثوابته.
تعرفت إليه مع وليد جنبلاط عندما حول مجلسه الثقافي إلى منبر ديمقراطي اجتمع فيه كل الذين احتشدوا لأجل سيادة لبنان واستقلاله وكان ضالتنا جميعا فيما افتقدنا من اكتمال مشهدنا الوطني.
كنا نأخذ عليه تزمته في قدسية نصه السياسي لكن ذلك لم يكن إلا من باب الأمانة.
في مجلسه الثقافي تعرفت إلى خيرة أهل الرأي والشجاعة ،سمير قصير ،نديم عبد الصمد، حكمت العيد، الياس عطالله ، فواز طرابلسي، نسيب لحود ، سمير فرنجية، سمير عبد الملك، فارس سعيد، جو باحوط، كميل زيادة، أنطوان حداد، وغيرهم
وفي منزله الذي يشبهه في عفته وكرمه وعبقه النجفي رافقت وليد جنبلاط في أمسيات الفسنجون مع محسن ابراهيم وعاصم سلام .
في أرجاء منبره تعرفت إلى نخبة أبناء الخيام والجنوب من أقران والدي ورفاقه من سعيد الضاوي إلى هاني عساف إلى رياض اشمر.
حبيب صادق نودعك بما يشبهك من كلماتك:
لم يغرهم تاج ومملكة
لم يثنهم صهب عن الطلب
ما همهم إلا الربى سلمت
آياتها من رجس مغتصب".