سقطَ الرئيس جو بايدن مُضرَّجاً بمناظرة / لاكَمَهُ دونالد ترامب في حلْبةٍ تلفزيونية أُريقت على جوانبها الدماءُ السياسية . هي تسعونَ دقيقةً قاتلة للولاية الثانية في البيت الابيض ومفاعيلُها ارتدَّت أولاً على الحزب الديمقراطي الذي تأهَّب لاحتمال استبدال " الكارثة " بما هو أقلُّ منها ضرراً على الشعب الاميركي .ولم تمرَّ الولاياتُ المتحدة في اختبار التنحِّي الا عبر الرئيس ريتشارد نيكسون الذي استقال عام 74 بعد فضيحةِ التجسس او ما عُرف بـ "ووترغيت". اليومَ مُنِيَ الحزبُ الديمقراطي بـ " المناظرة غيت " لكنها كانت من صُنع الرئيس شكلاً ومضموناً وعلى الهواء مباشَرةً من دون الحاجةِ الى تسريب / وهي مناظرةٌ مُسيِّلة للدموع في صفوف الديمقراطيين/ حيث لم تخرجْ الا السيدةُ الاميركية الاولى جيل بايدن لتبديَ اعجابَها بالعجائب التي ادلى بها زوجُها/./ اما النقدُ فجاء من انصار الحزبَين معاً، فبكى كبيرُ الصٍّحافيين توماس فريدمان "واعتبر انه لا يستطيعُ أن يتذكرَ لحظةً مُفجِعةً أكثرَ من هذه في كلِّ الحمَلاتِ الرئاسية الأميركية على مَرِّ التاريخ/./ وتولَّى الإعلامُ الاميركي استعراضَ قاموسِ التوبيخات والشتائم التي فاحت من المناظرة المُتَّسِخة بألفاظٍ ساقطة ليس اقلَّها احمقُ وغبيٌّ وفاشلٌ وكاذبٌ ومُدانٌ ومجرمٌ وقِطةُ الزُّقاق، وذلك اثناء تبادُلِهما الاتهاماتِ في النقاش على قضايا الاقتصادِ والضرائبِ والهِجرة والإجهاضِ والحرب الروسية ضد أوكرانيا والحربِ بين اسرائيل وحماس . وتحولت فلسطين في المناظرة الى مُشاهد على مرشَّحَين اثنين يتسابقانِ نحو تغذيةِ اصواتِهما بالصوت اليهودي حيث تنافَسَ بايدن وترامب على كسب وُدِّ اسرائيل وتقديمِ البراهين على دعمها/ وقال بايدن: «نحن أكبرُ داعِم لإسرائيل، ونزودُها بالأسلحة التي تحتاج إليها، ولم نمنعْ سوى شِحنةٍ واحدة من القنابل التي تزنُ ألفَيْ رطل، لأنه يتعين على إسرائيل توخي الحذرِ في استخدامها بالمناطق السكنية. وردَّ ترامب متهِماً بايدن بأنه أصبح فلسطينياً ضعيفاً وأنَّ الفلسطينيين يكرهونَه / واسفرت هذه المناظرةُ عن سقوط فلسطين في التدافع الى البيت الابيض ، وأنَّ ترامب الذي يَحظى اسمُه بهَضْبة الجَولان زُوراً لن يكونَ إلاَّ هديةً مسمومة للعرب . وفي استطلاعات الرأي داخلَ اميركا، فإنَّ بايدن تم تذويبُه امام ترامب، لكنْ ليس لقوةِ ومنطقِ وجدلِ الرئيسِ السابق لاميركا، بل لضَعفِ خَصمِه الرئيس الحالي وتلعثُمِه وقلة ِحِيلته بِنْيَوياً وفتكِ السنين بذاكرته وظهورِه هزيلاً متردداً ضائعاً امام ثعلبِ المال والاعمال. اميركا استَفْتَت بين سيِّئَيْن .. وايران انتَخبت مرشحاً من اربع شخصيات، و ستَظهَر ملامحُه الليلةَ وما إذا كان إصلاحياً أو محافظاً/ وقد ترتفع اسهمُ وحيد الإصلاح مسعود بزكشيان على الثلاثةِ المحافظين نظراً للانقسام الحاصل في صفوفهم، حيث سيكونون مجبَرِينَ على تقسيمِ أصواتِهم بين ثلاثةِ مرشحين أحدُهم محمد باقر قاليباف رئيسُ البرلمان/./ وعلى جبهة قاليباف اللبناني فإنَّ مجلسَ النواب يكتفي باقل من تشاور وبتوزيع خسائر الخلافات رئاسياً وتطييرِ هذا الاستحقاق الى ما بعدَ هدوءِ الجبهات , وعلى الرَّغم من الانبعاثات الحربية على المواقع ولدى السَّفارات وفي وسائلِ اعلامِ اسرائيل، فإنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بدأ يتحدثُ بلغة التسويات، وهو قال اليومَ إنه "إذا توصلنا لاتفاقٍ يسمحُ بعودة سكان الشمال لمنازلِهم يمكنُنا التوصلُ الى تسوية /وفي السياق عينِه نَقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن وزير الحرب يوآف غالانت، قولَه للأميركيين: "لا نريدُ حرباً في الشمال، وسنقبلُ باتفاقٍ يُبقي حزبَ الله بعيداً عن الحدود". وأوضح للأميركيين أن إسرائيل لا تسعى للحرب مع حزبِ الله، بل لتسوية إن أَمكنَ ذلك. وابتلعَ غالانت تصريحاتِه عن إعادة لبنانَ الى العصر الحجري، إذ إنَّ هذه العبارةَ بالتحديد وعلى رَغم الانقساماتِ المحلية فإنها جَمعتِ اللبنانيينَ على رفضِها ورميِها بالحجر / فنحن وإنْ أُعِدنا الى العصر الحجري لكنّا باقونَ في ارضِنا، فيما بدأ الاسرائيليون بالهِجرة من فلسطين ليعودوا من حيث أَتَوْا .. ويبقى مَنْ هم اصحابُ الأرض .