رزان شرف الدين
يدخل سائح أجنبي لدى وصوله إلى لبنان إلى شركة لتأجير السيارات للحصول على واحدة، فيسأله الموظف عن دينه يجيب السائح باستغراب "مسيحي"! يردّ الموظف اللبناني بأنه لديه السيارة المناسبة له.
السيارة "Full option"، عدا عن ميزاتها الميكانيكية، فإنها تحوي على عدد كبير من التماثيل الدينية الخاصة بالقديسين المسيحين تصطف على الواجهة الأمامية، والسبب يشرحه الموظف: "إنها سيارة آمنة، في الليل عندما تكون الطرقات مظلمة "سانت ريتا" ستضيء لك طريقك، وعندما تكون على الاتوستراد السريع ليس ضرورياً أن تفكر في الحفر التي قد تظهر، فـ "مار جريس" سوف يحميك، وعندما تضيّع طريقك (كونه لا يوجد أي إشارات) "مار انطونيوس البدواني" سيكون دليلك"، ليخنم حديثه "صلّب إيدك ع وجّك وdon't worry".
هذا الإعلان يبدو أنه يأتي ضمن حملة قناة "الإم تي في" على وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر الذي استهدفته القناة مراراً بسلسلة من التقارير حول حصص المناطق المسيحية من مشاريع الوزارة والتي سعت من خلالها الى "كشف الحرمان المفروض على المناطق المسيحية، لا سيما مناطق المتن وكسروان تتزعمان منذ عشرات السنين لائحة المناطق المحرومة". وجاء إعلان "الطرقات الزفت" ليعزز الفرضية الطائفية التي تدور حول حملة الأم تي في، التي تستغل الأجواء السابقة للانتخابات البلدية للتذكير بـ "العنصرية والطائفية بين المناطق التي يتمتّع فيها زعيتر والتي يعمل وفقها"، كما سبق وأوردت القناة في تقاريرها، واللافت أن الحملة لا تنجو بدورها من "العنصرية والطائفية" التي تدعي مكافحتها.
"طرقات الزفت" لا يتطرق إلى الرموز الدينية الإسلامية، بل يحصر مسألة تزفيت الطرقات بالمناطق المسيحية، ما يعزز فرضية أنّ الحملة موجهة حصراً للشارع المسيحي وتسعى من خلالها القناة، التي تدّعي الوطنية ونطقها باسم اللبنانيين جميعاً، إلى التركيز على فكرة وحيدة ألاّ وهي "حرمان المناطق المسيحية من مشاريع إنمائية"(كما جاء غير مرة في تقارير القناة)، في مقابل انشغال الوزير زعيتر "بتزفيت طرقات المناطق التي يريد أن يكون فيها بطلا" (المناطق المسلمة).
الإعلان قوبل باستياء من بعض الشارع المسيحي، فقد اعتبره البعض مسيئاً للرموز الدينية ويتعرّض للمقدسات الدينية بطريقة تهكمية.
وهو ما دفع المحامية سندريلا مرهج إلى التقدم بطلب أمام قضاء العجلة لوقف بث الإعلان، لافتة في حديث مع "الجديد"، إلى أن "مجموعة كبيرة من الشبان والشابات كانت في صدد التحضير لتحرّك اجتجاجي على عرض الإعلان، وقررنا العودة عن هذا القرار ورأيت أنه من الأفضل أن نسلك طريق القضاء، وقد تقدمت باسمي وطلبت عبر قضاء العجلة وقف بث هذا الاعلان لما فيه من تعرّض للرموز الدينية"، معتبرةً أنّ "هذه الخطوة ليست فقط لحماية المقدسات المسيحية وإنما دفاعاً عن جميع الرموز الدينية سواء مسيحية أو إسلامية لضمان عدم المساس بها مجدّداً في أي إعلان".
وأوضحت مرهج أنها لم تتواصل مع القناة قبل رفع الدعوى فمشكلتها ليست شخصية معها، "وإنما بغض النظر عن نيّة عرض هذا الإعلان وخلفياته، فإنه لا يمكن أن نتغاضى عن شريحة كبيرة رأت فيه استخفافاً واستهتاراً وسخرية من شفاعة القديسين من خلال هذا العرض المبالغ فيه للتماثيل الدينية والصور، وهذا ما شكّل سابقة لناحية تناول هذه الرموز في الإعلانات، وهذا أمر مرفوض".
وفي انتظار البت في القضية.. هل ستقوم قناة "الام تي في" بشرح نيّتها من الإعلان لجمهورها أولاً وللبنانيين ثانياً، أم أنّها لا تعتبر اللبنانيين عموماً (والمسلمين خصوصاً) معنيين بمسألة تزفيت الطرقات!