عصافيرُ المحبة رَجَعَت إلى قِرميدِها الوزاريّ بكاملِ تعايشِها وتآلفِها وانعقد مجلسُ وزراءَ مثاليّ أنصتَ إلى تعاليمِ ضبطِ النفس وعدمِ اتباعِ أُسلوبِ "الشزيفورانيا" السياسية وتمثيلِ الدورَين: الأولُ حكوميّ يُقِرُّ الموازنة والثاني نيابيٌّ يُعارضُها وقد زودَ الرئيس سعد الحريري الوزراءَ بوصايا التضامن ودعاهم الى الالتزامِ في مجلسِ النواب بما ناقشوهُ في تسعَ عَشْرةَ جلسةً وزاريةً وإلى تسريعِ وتيرةِ القراراتِ الاقتصادية والمالية لبعثِ إشاراتٍ إيجابيةٍ الى العالم وإعلانُ وقفِ إطلاقِ النارِ الوزاري جاء من جانبٍ واحد إذ طَلب رئيسُ حزب القواتِ اللبنانية سمير جعجع تدخّلاً مباشَرُا مِن "الجنرال" ميشال عون للجمِ الوضع وانطلق جعجع في نداءِ الاستغاثة هذا مِن وضعِ المِنطقةِ المتدهور الذي علينا حِيالَه تجنيبُ لبنانَ آتونَ الحديدِ والنار وقال: كان منَ المفترضِ وجودُ سلطةٍ سياسيةٍ للمعالجة لكنّها اليومَ في شللٍ جُزئيّ وعاجزةٌ لأنّ أحدَ أطرافِها يتصرّفُ على نحوٍ عبَثيٍّ وعشوائيّ ويُبدّي المصالحَ الخاصةَ على العامة واستَخدمَ جعجع بعدَ اجتماعِ الجُمهوريةِ القوية العبارةَ التحذيرية "ماذا والإّ" من دونِ أن يسمّيَ الطرفَ العبَثيَّ والعشوائيّ لكنّه ولدى وضعِ الشخصيةِ المقصودةِ على "السكانر السياسيّ" لن يَظهرَ سوى "جبران جرجي باسيل".. لاسيما بعد اجتماعِ رئيسِ التيارِ القويِّ أكثرَ مِن خمسِ ساعاتٍ بالرئيسِ الحريري بالأمس وما تلاه من علاماتِ توافقٍ بين الطرفين وما حديثُ جعجع عن قلقٍ إقليميّ وعن طلائعِ الحروب وما يليها من آتونٍ ونارٍ على لبنان سِوى بابٍ الى ازْمةِ التعيينات.. وهو حدّد "أن التشنّج شو في وراه؟ وراه هالتعيينات".. متهمًا طرفًا ورد اسمُه أعلاه بالإصرارِ على حِصةِ المَسيحيين وبناءً على ما تقدّمَ فإنّ الساعاتِ الخمسَ بينَ الحريري وباسيل لم تكُن مُعَدّةً لبحثِ إشكاليةِ السيطرةِ على بابِ المَندَب أو عبورِ السفُنِ مِن مضيق هُرمُز ولا أن رئيسَ حزبِ القواتِ بدورِه ينتظرُ في معراب إقلاعَ أولِ صاروخٍ على بحرِ العرب فالخلافُ لا هو عربيّ ولا أَعجمي.. لا بل تقتصرُ أضرارُه على التعييناتِ حصرًا.. واذا كان جعجع قدِ اقترحَ العودةَ الى آليةِ الوزير محمد فنيش الموجودةِ في وِزارةِ التنميةِ الإدارية ف"ماذا والإ" إن لم تُتّبَع؟المَحفلُ السياسيُّ ذهب إلى الآليةِ الرائجة تقليديًا في التوزيعِ والمحاصصة؟ وعندما تنقسمُ التعييناتُ بين باسيل للمسحيين والحريري للسُّنة وبري للشيعة فأيُّ موقفٍ ستَكونُ عليهِ القواتُ التي تَشهَرُ حربَها على الدويلاتِ وعلى حِزبِ الله والدولةِ ضِمنَ الدولة.. فهل ترتضي بدولةِ الحِصصِ والمحاسيب؟ نحن غدًا أمامَ تعييناتٍ تشكّلُ إلغاءً للدستور والمؤسسات الحكومية فإما أن تعترضَ القواتُ بشكلٍ يُشبهُ الحِفاظَ على الجمهورية وإما أن الــــ لماذا وإلا ستكونُ مجردَ صرخةِ استغاثة للدخولِ في نعيمِ الحِصة.