حّيَّ على الصلاة .. وما إن نادى المُنادِي "اللهُ أكبر" / حتى تَحوَّلَ المُصَلُّونَ إلى أشلاء/ وتوضَّأَ الفلسطينيونَ بالدماء/ فصَلَّوْا جماعَةً ًوطلَعَ الفجرُ عليهم وقد اختلطتْ أجسادُهم الصاعدةُ نحو السماء/./ نام العالَمُ أحدَ عشَرَ شهراً على المشهد "الغَزِّي" واستيقظَ على مجزرة الفجر في بيتِ الله/ وبين يديه سقطَ أكثرُ من مئةِ شهيدٍ وعشراتُ المصابين/ في مذبحةِ مدرسةِ التابِعِين بحي الدَّرَج في غزة/ فكانتِ الصلاةُ الجامعة شَهادةً جَماعية/./ في جريمة حربٍ مكتملةِ الأركان، استَهدف جيشُ الاحتلال مدرسةَ التابعين التي تُؤوي ألفينِ وأربعَمئةِ نازح/ بثلاثةِ صواريخَ مستوى ذكائِها بمستوى إجرامِه/ يزِنُ كلُّ صاروخٍ منها ألفَي رطل/ أَسقَطها عن سابقِ إصرارٍ على ارتكابِ المذبحة / فترصَّدَ المُصَلَّى بالمصلِّين / وأباد أُسَراً بأكملِها / /./ إلى مستشفى المعمداني الذي كان فاتحةَ المذابحِ نُقلتِ الأشلاءُ بالأكياس/ ولم تَستطعْ طواقِمُ الإسعاف تشكيلَ جُثةٍ واحدة منها/ ومَن وصل الى المستشفى على آخر زفرةِ روح/ محروقَ الجسد / مبتورَ الأطرافِ والأعضاء/ فقد لفَظَها لانعدامِ أبسطِ وسائلِ العِلاج ونقصِ المستَلزماتِ الطِّبية/ وفِقدانِ الكوادر/./ جهازُ الدفاعِ المدني في القطاع قال إنَّ الاحتلالَ استَخدم صواريخَ أميركيةَ الصنع/ تُنتِجُ حرارةً عالية تصلُ إلى سبعةِ آلافِ درجةٍ مئوية تتسبَّبُ في ذَوَبانِ الجُثث/ ومديرُ مستشفى المعمداني صرح بأن أغلبَ حالاتِ الجرحى مصابةٌ بحروقٍ كاملة وبترٍ في الأعضاء/ وعلى المجزرة الموثَّقةِ بالأجسادِ المقَطَّعة / رَوّج جيشُ الاحتلال في كذبةٍ جديدة أن سلاحَ الجو وبتوجيهٍ استخباراتي أغار على مسلحين بحسَبِ زعمِه داخلَ مقرٍّ عسكري في مدرسةٍ بحيِّ الدرج/ ومعترفاً بجريمتِه قال: اتَّخذنا جملةَ تدابيرَ لتقليصِ إلحاقِ الأذى بالمدنيينَ باستخدام أسلحةٍ ذكية في الهجوم/ وختم روايتَه بالتشكيك بأعداد الضحايا /./ وفي ردها نفت حركةُ حماس ادعاءَ جيش الاحتلال وأكدت أن السياسةَ الصارمة المعمول بها لدى مقاتلي كلِّ الفصائلِ هي عدمُ الوجود بين المدنيين لتجنيبِهم الاستهدافَ الصُّهيوني/ وقالت إن العدو يَكذبُ مجدداً ويختلقُ الذرائعَ السخيفة لاستهداف المدنيين/ وطالبت حماس مجلسَ الأمن بإصدار قرارٍ يُوقِفُ المجازرَ تحت البند السابع/./ ومجزرةُ الفجر/ تأتي بعد ليلةِ البَيْعة / وإعلانِ القسام جاهزيتَها الكاملة لتنفيذ قراراتِ قائدِها يحيى السنوار/ وإبلاغِ قطر بمشاركة حماس في لقاء الخميس/ وهي وقَعت على مَسافةِ بيانٍ ثلاثيٍّ أميركي قطري مصري/ عن صفْقةٍ مفترضة وعن مفاوضاتِ ردمِ الهُوَّة بين طرفَيِ النزاع/ والبيانُ المكتوبُ بالحِبر الأبيض ردت عليه تل أبيب بشلاَّلِ الدم/ وعن هذا الردّ قال والدُ أحدِ الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومةِ الفلسطينية: كلما اقتَرَبنا من إنجاز صفْقةِ تبادلٍ يُفْشِلُها نتنياهو بعمليةٍ لإرضاءِ وزيرَينِ متعطشَينِ للدماء/./ والمجزرةُ الثالثة من حيث حجمُ الكارثةِ بعد المَعمداني والمَواصي/ إنما تأتي في سياقِ جرائمِ الإبادةِ الجَماعية في غزة التي ما كانت لتستمرَّ لولا الغِطاءُ والإسنادُ السياسيُّ والعسكري من الولايات المتحدة الأميركية مضافاً إليه العجزُ الدولي والصمتُ العربي/ وكلُّهم أُصيبوا برُهابٍ أميركي وبعدوى بياناتِ الإدانة/ لكنهم لم يغادروا منطقةَ الكلام إلى فِعل العقابِ بحق نتنياهو وجيشِه وجَوقَةِ المتوحشين مِن حوله/ بل على العكس أَطلقوا يدَه في غزة لتهددَ إيران واليمن ولبنان/ وكعُربونِ تقديرٍ/ أَبلغَ وزيرُ الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وزيرَ الحرب يوآف غالانت بأنه لن يتمَّ فرضُ أيةِ عقوباتٍ على كتيبة " نتساح يهودا" المتَّهَمة بقتل فلسطينيين في الضفة ومن بينهم مواطنٌ أميركي/ وعلى لزومِ ما يَلزَمُ لحرب الإبادة / أَفرجتِ الولاياتُ المتحدة عن ثلاثةِ ملياراتٍ ونِصفِ مليار دولار لإسرائيل لإنفاقِها على الأسلحة والعَتاد خلال السنواتِ المقبلة /./ وربطاً / فواشنطن المقبلة على استحقاقها الانتخابي فإن نجاح الصفقة من عدمه يحدد نتائج الانتخابات/ والرئيس جو بايدن بحسب البيت الأبيض لن يسمحَ للمتطرفين بمن فيهم الذين في إسرائيل بدَفعِ مفاوضاتِ غزةَ خارج سياقِها/ وبحسَبِ وسائلِ إعلامٍ عبرية فإن قطاراً جوياً يَحمِل المسؤولينَ الأميركيينَ الكبار سيصلُ الى المنطقة قُبيل تَجدُّد المفاوضات / إلاَّ أن نتياهو يُقرأُ من إجرامه / ويومَه التالي غيرَ المعلَن / مطابِقٌ لمواصفات مشروعِ التطهيرِ العِرقي وتهجيرِ سكان القطاع والقضاءِ على أيِّ وجودٍ فلسطيني إنْ في غزةَ بتحويلِها إلى مدينةٍ غيرِ قابلةٍ للحياة/ أم في مدنِ الصفيح في الضفةِ الغربية المخنوقة بالجدارِ العازل/./