من فلسطينَ ونبْضِ غزةَ تبدأُ الخريطةُ والكلمات/./ وعلى الأرضِ التي لا تتسعُ لهُويتين/لا شيءَ ينمو فيها من دونِ جذور/./ بعد سبتِ إسرائيلَ الأَسود/ سقطتْ كلُّ الأيامِ من الروزنامة/ فتحولَ الزمنُ الأول / على ثابتٍ وحيد/ أن ما بعدَ طُوفانِ الأقصى لن يكونَ كما قبلَه/ وعلى توقيتٍ صفّرتْ غزة عقاربَ ساعتِه/ بدأ الزمنُ الفلسطينيُّ الجديد/ على أنقاضِ الهَيبة الإسرائيلية/./ من على أرضٍ مسطَّحةٍ يلفَحُها هواءُ البحر/ وريحُ الصحراء/ وزنَّرَها جدارُ فصلٍ عنصري/ انقلبتِ الموازين/ واخلتطتِ الأوراق/ وأعادت زنودُ المقاومينَ رسمَ الخرائطِ بالنار والبارود/ وصوبتِ البوصَلةَ / فأطلقت عمليةَ تحرير الأرض/ ولأول مرةٍ منذ العام ثمانيةٍ وأربعين وَطأت أقدامٌ فلسطينيةٌ أراضيَ فلسطينيةً محتلةً بمستعمراتٍ ومستوطنات/ وباغتتِ العدوَّ من كل بيتٍ وحارةٍ وشارع/ وابحثوا في كلِّ المَعاجمِ عن مفرداتِ الصدمةِ والرعبِ والانهيار/ التي أصابت الاحتلال بمقتلٍ من أعلى هرمِه السياسي إلى جيشِ النمور من ورق/./ ساعاتٌ من معركةٍ طويلةٍ مضت/ لم يهدأْ فيها النبْضُ الفلسطينيُّ المقاوم/ فأعاد تشكيلَ فِرَقِه/ وبدَّلَ مواقعَها/ على وقعِ أشرسِ المواجهات معَ جنودٍ متحصنينَ في مستوطناتِ غلافِ غزة / ومعها فَتحَ صندوقَ المفاجآت/ فأطلقَ سِربَ المسيَّراتِ الانتحارية/ بالتوازي معَ إنزالٍ بالزوارقِ على شاطىء عسقلان/ وأرسلَ تحياتِه على صواريخَ مجنحةٍ وصلت إلى تل أبيب/./ وفي المعركةِ المفتوحة / لم ينأَ حزبُ الله بنفسِه فحركَ الشوكةَ في خاصرةِ الشمالِ المحتل / وحَّدَ الساحاتِ وافتتحَ النهارَ بتوجيه التحيةِ إلى المقاومة الفلسطينية/ فاستهدفَ ثلاثةَ مواقعَ داخلَ مزارعِ شبعا المحتلة وتبنَّى الهجومَ المباشر/ولحِفظِ ما تبقَّى من ماء الوجه ردَّت مدفعيةُ الاحتلال بقصف الأحراجِ المحيطة/./ على الدوام كانتِ المقاومةُ في لبنانَ ظهيراً/ للمقاومةِ في غزة/ ودخولُها المعركةَ لم يكنْ مباغتاً/ على وعدِ الفتْحِ في إصبع الجليل وتحريرِ الأرض/ وهو ما زاد الاحتلالَ إرباكاً/ وفَعَّل الواسطاتِ معَ دولِ القرار لعدم فتحِ الجبهة الشمالية/ لكنَّ اليدَ هناك على الزِّناد ترابضُ في خيمةٍ لم يستطعْ جنودُ الاحتلال اقتلاعَها من أرضها/ فكيف بمئات المقاتلين الغزيين الذين يلقنونَهُ لحظةً بلحظة أصولَ الدفاع عن الحق واستعادة الأرض/./ لم تكدْ سلطاتُ الاحتلال تستوعبُ الطُّوفان/ حتى أتتها موجةُ الخسائرِ الفادحة التي تكبدتها فأعلنت وللمرة الأولى في تاريخها عن مئاتِ القتلى وبينهم ضباطٌ وجنرالاتٌ وعن آلاف الجرحى / وأبقت على عدد الأسرى والمفقودين طيَّ الكتمان/ وتركَتهم لِبئسِ المصير/ معَ تخطي رئيسِ حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الحكومةَ وتصديقِه على بند الحرب/وهو قرارٌ لم يُتخذْ مثيلٌ له منذ خمسين عاماً/وفي أول ترجمةٍ عملية للقرارِ الحربي أوعز وزيرُ الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت بالاستعداد لإخلاء المستوطناتِ القريبة من الحدود اللبنانية/ كما امرَ بتسليح المستوطنين في المستعمرات القريبة من لبنان وقطاع غزة/ أقدمَ نتنياهو على هذه المغامرة/في وقت يعملُ فيه الوقتُ لصالح المقاومةِ الفلسطينية التي تمتلكُ لائحةَ الأسرى الرابحة في هذه المعركة/ وأمام التفوقِ الفلسطيني في مقابل انهيارِ منظومةِ الاحتلال على كاملِ المستويات/ شهاداتٌ من البيت الإسرائيلي الداخلي/ تؤرِّخُ للمرحلة/ فكتب الصِّحافي جدعون ليفي في صحيفة هآرتس أنه منذ العام 1948 وإسرائيل تعاقِبُ غزة/ وحان وقتُ دفعِ الفاتورةِ والحساب/ وفي مقالٍ آخرَ كتب آري شبيت يقول/ إن إسرائيلَ تلفظُ أنفاسَها / ويبدو أننا نواجِهُ أصعبَ الناسِ في التاريخ/ ولا حلَّ معهم إلا بالاعتراف بحقوقِهم وإنهاءِ الاحتلال/أو مغادرةِ البلاد/ ومن حليفِ إسرائيلَ التاريخي/ كان اعترافٌ من مارتن إنديك عضوِ مجلسِ العلاقاتِ الخارجية الأميركية/ بقوله / إن النظامَ الأمنيَّ والاستخابراتي في إسرائيل فشِلَ بالكامل/ والاستخباراتِ الأميركيةَ تتحملُ المسؤولية/ وإنَّ إسرائيلَ في مأزِقٍ حقيقي وأمامَ خِياراتٍ أحلاها صعبٌ ومُرّ/ وأبلغُ ما قيل في المناسبة/ قولُ أحدِ الإعلاميينَ الإسرائيليين/ إن حماس ذهبت لإلتقاط صورة النصر فرجعت الى غزة بألبوم مليء بالصور/./