لا الماءُ عندكَ/ لا الدواءُ ولا السماء/ ولا الدماءُ ولا الشراع/ ولا الأمامُ ولا الوراء.. لكنْ عندَ بيروت كلَ هذهِ الأسباب للحصولِ على إجازةٍ من الأمراضِ السياسيّة الاجتماعية المقيمة بين نهاراتِها ولياليها/ هي بيروت التي إذا سقطت.. التقطَها ناسُها وزوارُها وفنانون قادمون على جناحِ هضَبَة/ يضرِبُ الحصارُ حصارَهُ لا مفّرُ, لكنّها تقولُ الآنَ لا, فتذهبُ الى المعركةِ بسلاحٍ أبيض وترفَعُ الأغنياتِ البينّات/ ويحشدُ سبعَةَ عشَرَ ألفَ شخص ٍفي وسطِها ليكونوا واجهتَها البحرية والبرية في سهرةِ إبن النيل عمرو دياب/ وبمعزل ٍعن الإدارة والمنظمين وآثارِ الموقعة الفنية التي ضبطَها ضغطُ وزيرِ البيئة ناصر ياسين، فإنَّ ثورةَ الفرح غلبت يأساً صنعَهُ السياسيون الذين تركوا اللبنانيينَ يعاركونَ جهنَم وحدَهم/ تعطي بيروتَ مناهجَ في الحياة فيكسِرُ أبناؤها وزوارُها قيوداً على الحَجْرِ ضدَها/ ويقيمونَ طقوسَهم الوردية تحتَ فيءِ عتَمةٍ سياسيّة/ غير أنَّ الوردَ الذي أعطى عِطرَهُ لليلةٍ واحدة هو من صنعِ الناس، أمّا الحُكمُ فلهُ أشواكُهُ التي تَستأنفُ معاركَها في كلِّ اتجاه وتعلِنُ التعبئةَ العامة على جبَهاتٍ رئاسية وكهربائية ومالية وقضائية/ لاسيما بعدَ تبيانِ ثُغُراتٍ أمنية تستلزمُ توضحياتٍ من السلطاتِ المختصة حيالَ حوادث عين إِبل والكحالة ولاحقاً حيّ السلم/ وربطاً فإنَّ الأجهزةَ الأمنية مطالبةٌ بتوضيحِ الغموضِ الذي لفَّ انتحارَ أو مقتلَ الإرهابيّ المفترض وسام مازن دلة المتهم بتفجيراتِ السيدة زينب في سوريا// وإذا كانَ لُغزُ حيِّ السلم عُهِدَ الى تفكيكِ داتا الاتصالات، فإنَّ جريمةَ عين ابل تزدادُ غموضاً حيثُ لا حقائقَ مكتشفة باستثناءِ الاتهام الذي أنزلَهُ رئيسُ حزبِ القوات اللبنانية سمير جعجع بحزبِ الله/ وقالَ إنَّ الياس الحصروني قُتل، ولم يمُت جرّاءَ حادثِ سير وهذا الأمر واضحٌ جداً من خلالِ الكاميرات المحيطة بمكانِ الجريمة/ ورُكْنُ الدليل لدى جعجع هو أنَّ الجريمة وقعَت في منطقةِ نفوذِ حزبِ الله/ أمّا عائلةُ الحصروني فقد ركنت الى الدولة لاظهارِ حقيقةِ الجريمة ووسَّعت مطالبتَها نحوَ تدخلٍ دوليّ/ وبالتدخلِ على مستوى الجرائمِ المالية/ كشفت الـ"فايننشال تايمز" أنَّ مكتبَ المدّعي العام الأميركي في المنطقة الجنوبية لنيويورك فتحَ تحقيقاً في قضيةِ الحاكم السابق لمصرفِ لبنان رياض سلامة./ وذكرت الصحيفة أنّهُ من المفترض أن يبقى سلامة في لبنان لتجنّبِ الاعتقال والأسئلة في الخارج/ ونقلَت عن أحدِ كبارِ السياسيين قولَهُ إنَّ الترتيبَ يناسبُ السياسيينَ اللبنانيين بشكلٍ جيّد: "طالما بقيَ هنا، فلن يصرُخَ على أسرارِهم ويبقى الجميعُ سعداء/ وكشفتِ الصحيفة أنَّ سلامة أرسلَ "فلاش ميموري" للخارج فيها أسرار عملهِ في حالِ حدوثِ شيءٍ سيءٍ له/ فهل سيستخدمُ الحاكم السابق أموالَ "الاحتياط السياسيّ" تجنباً لأنْ يكونَ وحدَهُ كِبشَ محرقة كما كان يُردّد؟ وسلامة الذي لم يؤكد هذهِ المعلومات ولم ينفِها، سيواجِهُ لاحقاً قرارَ الهيئةِ الاتهامية والتي ستحدِدُ وجهتها لدى تسلّمِ القاضي ماهر شعَيتو رئاستَها/ ولدى "جهينة" الخبرَ اليقين اذ إنَّ الهيئةَ هنا ستسيرُ على ميزانِ عدلِ الرئيس نبيه بري/./