كشفت دراسة جديدة لعالم الجغرافيا الطبيعية هادر شيشة من جامعة إيكس مرسيليا في فرنسا إمكانية بناء أهرامات الجيزة في ظل وجود رافد متفرع من نهر النيل لم يعد موجودًا اليوم والذي سمح بنقل المواد اللازمة لعملية البناء.
وفي السياق اوضح الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية و مدير عام آثار الهرم سابقا لـ"سكاي نيوز عربية"، أبرز ملامح هذه الدراسة التي كشفت الكثير من أسرار بناء الأهرامات:
الدراسة الفرنسية أوضحت استخدام المصريين القدماء المجاري المائية من النيل إلى منطقة الهرم لنقل الأحجار، وهذه المجاري كانت موجودة أيام الدولة القديمة عصر الأسرة الرابعة في عهد الملك خوفو ثم جفت بعد ذلك.
الأحجار الخاصة بالكساء الخارجي للهرم كان يتم جلبها من منطقة طرة شرق النيل، أما الأحجار الخاصة بالبناء فكانت من الصخر الطبيعي الموجود عند هضبة الجيزة.
تم جلب النحاس من المناجم في سيناء والذي استعمل في تصنيع أدوات كانت تستخدم في الأعمال الإنشائية بالهرم، وهو ما وجد أيضا في مركب خوفو الموجود قرب هرم خوفو الكبير وهو ما يعني اتساق الآراء مع بعضها.
المحجر الذي بنيت منه الأهرامات الثلاثة كان جنوب الهرم الثالث هرم الملك منكاورع.
الدراسة تتوافق مع بردية وادي الجرف التي اكتشفت سنة 2013 قرب السويس عند البحر الأحمر، وتحكي عن شخص اسمه "مِرر"، وكان مفتشا يأتي بصحبة مجموعة من العمال ويجلبون الأحجار من منطقة طرة الشمالية والجنوبية.
في عام 1990، اكتشفت مقبرة لبناة الأهرامات بالجيزة على يد الدكتور زاهي حواس وفريق العمل الخاص به وهي الدليل المادي على أن المصريين القدماء هم بناة الأهرامات.
عالم الآثار الأميركي مارك لينر اكتشف بعد ذلك منطقة الإعاشة الخاصة بالعمال والطعام والإقامة والتي كان العمال يقتاتون منها خلال العمل في هذا البناء.
الطريق الصاعد الذي نسميه مدخل مينا هاوس يعد أحد المسارات التي استخدمت لنقل الأحجار لبناء الأهرامات، وهو يستخدم حاليا كمكان لدخول منطقة الهرم.
واضافت "سكاي نيوز" عربية" انه استخدم الحجر الجيري في الكساء الخارجي للأهرامات، وبالنسبة للهرم منكاورع فقد تمت صناعة هذا الكساء من الغرانيت الذي جلب من أسوان، أما خوفو وخفرع فقد استخدم في الكساء الحجر الجيري الذي جلب من المحاجر الملكية في منطقة طرة.
لدينا دليل مادي هو مقبرة بناء الأهرام ودليل نصي هو بردية وادي الجرف، ما يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن المصريين القدماء هم بناة الأهرامات.
لم يعد هناك داع لأي من النظريات الأخرى حول بناء الأهرامات مثل الادعاء بقيام فضائيين بذلك وغيرها.
وحول أسباب بناء الأهرامات، يؤكد الدكتور حسين عبد البصير أن بناء الأهرامات كان مرتبطا بالعبادة الشمسية، فخلق الكون بمصر القديمة كانت له نظريات أشهرها نظرية عين شمس أو هليوبوليس والتي تفترض أن الكون عبارة عن ماء بزغت منه الأرض كقمة مثلثة تمثل "الأرض الناهضة"، كما ارتبطت فكرة الهرم بسقوط أشعة الشمس على الأرض والتي يعطي ضوئها شكلا هرميا ومنه أخذ المصريون القدماء فكرة الهرم.
ويضيف عبد البصير أنه في العصور الإسلامية انتزع الكساء الخارجي للأهرام ما عدا جزء بسيط في قمة الهرم منكاورع، حيث تم استخدامها في بناء المنشآت الإسلامية مثل قلعة صلاح الدين وبهاء الدين قراقوش وغيرها.
ولفت عبد البصير إلى أن والي مصر محمد علي باشا كان ينوي هدم الأهرامات الثلاثة وبناء القناطر الخيرية بأحجارها، إلا أن مهندسا فرنسيا نصحه بعدم الهدم، ولم يقتنع بالعدول عن هذه الفكرة إلا بعدما علم أن الفارق بين هدم الأهرام واستخدام حجارتها وبين قطع حجارة جديدة من المحاجر كان عشرين مليما فقط، وهو ما أنقذ الأهرامات وأبو الهول من الهدم والتخريب.