هو طوفانٌ أقصى الدولةَ عن مجاريها و حَجرَ عليها في الكرنتينا/ وببُنيةٍ مُهترئةٍ كحالِ المسؤولينَ فاضَ نهرُ بيروت عن منسوبِ الإهمال بعد سنينَ عِجاف حَوَّلَتْهُ إلى ممشىً وموقفٍ للسيَّارات/ أمواجُهُ جرفت المواطنينَ بسياراتِهم وأرزاقِهم وحَمَلت معها الأتربةَ وكلَّ النُّفاياتِ المتراكمةِ إلى مَصَبٍ سُدّت مجاري تصريفِه بفِعلِ فاعِلٍ وبتقْنياتِ مجرورِ الرملةِ البيضاء/ وأمام الطُّوفانِ الذي ضربَ كلَّ لبنان لم يتحركْ حِسُّ المسؤوليةِ عند مسؤولينَ كانوا يُحيُونَ ليلةَ الجُمُعة كلٌّ على مِزاجِه/ ولم تصلْ إلى مسامِعهم لا صَرَخاتُ الاستغاثة ولا تلَقَّى أحدٌ منهم إشاراتِ النَّجدة التي بثَّها وزيرُ الأشغال علي حمية من تحتِ الماء قبل أن يتوجَّهَ صعوداً لجرفِ الثلوج المتراكمة/ تحركت ورش حمية فيما وليد فياض وزيرُ الطاقة والمياه المعنيُّ الأولُ بشؤون الأنهارِ ومجاري التصريف "غطس" بالنوم// وعلى ضفافِ الكارثة من نفق المطار إلى أوتوستراد ضبيه مروراً بالكرنتينا ومَصبِّ نهر بيروت/ انطلقتْ حربُ الاتهاماتِ بسلاحِ الصلاحيات/ وكلٌّ من موقعِه رَمى حجراً في الأرخبيل اللبناني ورَجَم الآخَرَ بتُهَمٍ من عيارِ التقاعس/ فاستَنفرتْ لجنةُ الأشغالِ النيابية بعد وقوع الكارثة وقررتِ استدعاءَ حمية وفياض إلى جلسةِ مُساءلةٍ في مجلس النواب/ فيما ذهبَ رئيسُ حكومةِ تصريفِ الأعمال نجيب ميقاتي إلى المَصب/ تَفقَّد المُصيبة ووجَّه التحيةَ الى عناصرِ الدفاع المدني واطفائيةِ بيروت وقال إنَّ ما حصلَ سيكونُ مِحورَ مُلاحَقةٍ إداريةٍ وقضائية لتحديدِ المسؤوليات ومحاسبةِ المُقصّرين/./ كان اللبنانيونَ لِيُصَدِّقُوا وعودَ المحاسبةِ بعد العاصفة/ لو ثَبُتَ على مدى عقودٍ من الفسادِ إحالةُ متورطٍ إلى القضاء وإجراءُ المُقتضى/ لكنْ في ظِل حكومةٍ عاجزةٍ عن تصريفِ المياه/ فكلُّ الكلامِ عن المحاسبة لا سُوقَ يُصرف فيه/ ما دام " التمريك" شغّال / وفيه فعّلَ وزيرُ الطاقة عَدَّاداتِ العامِ المقبل على وعودِ جبران باسيل العُرقُوبية بأن تكونَ السنةُ المقبلة سنةً كهربائية " وبدو يولعها" /. والسلطة المختلفة على تصريف اعمال حكومية اصبحت اليوم تخاطب اللبنانيين من فوهة مجرور ، وحق المواطنيين بعد ان اغرقهم بالطوفان بالامس ان يسدوا على حكامهم كل الريغارات السياسية . لبنان غرق في شبر فيضان / فيما حدوده الجنوبية على فوهة بركان/ والاعتداءات الإسرائيلية تتمدد وتتوسع لتتطال بيوت المدنيين/ وإذا كانت بيروت قد فاضت بنهرها/ فإن الاحتلال وسع بيكار القصف ليطال جسر الخردلي عند خاصرة نهر الليطاني والرابط بين محافظتي النبطية ومرجعيون/ ونقلاً عن وول ستريت جورنال فإن الرئيس الأميركي جو بايدن أقنع بنيامين نتنياهو بعدم توجيه ضربة استباقية لـحزب الله محذرا من أنها ستؤدي لحرب إقليمية واسعة/./ لكن الجبهة الجنوبية موصولة بحبل الخلاص في غزة / وعن الحرب عليها قالت صحيفة واشنطن بوست إن إسرائيل شنت في غزة واحدة من أكثر الحروب تدميراً في هذا القرن/ في حين نشرت صحيفة معاريف أن إسرائيل عالقة في حرب بلا أفق وأن نتنياهو ليس لديه خطة لأي شيء سوى إرضاء الائتلاف والعائلة/./ ونتنياهو المرفوع على الكف الأميركية في أكبر صرح دولي تمنع كل قرار لوقف إطلاق النار وقد أتت جلسة الأمس في مجلس الأمن لتثبت أن البيت الأبيض شريك فعلي في الحرب/ باستخدامه حق النقض بوجه أربع عشرة دولة نادت بإسكات آلة الموت/ واستقر الأمر على مساعدات إنسانية لن تصل إلى وجهتها وإلى ثمانين بالمئة من أطفال غزة يعانون من فقر غذائي حاد بحسب تقرير لليونسيف/./ وإذا كانت إسرائيل قد وَضعتْ أهلَ القطاع هدفاً لحرب الإبادة/ فإنَّ المقاومةَ الفلسطينية بكل فصائلِها وإمكانياتِها ثابتةٌ في المَيدان/ وبعد لعنةِ الشجاعية التي أصابتْ نُخبةَ النُّخبةِ في لواء غولاني وأفقَدَتْهُ أربعينَ بالمئة من قوّتِه/ ودَفعته إلى الانسحاب من أرض المعركة / فقد أعلن أبو عبيدة الناطقُ باسم كتائب القسام فِقدانَ الاتصالِ بمجموعةٍ مسؤولةٍ عن خمسةِ أسرى صهاينة/ سرعان ما تبيَّنَ أنهم : كانوا لا يريدون أن يَشِيخوا لكنَّ نتنياهو أرادَ لهم الموت/./