أميركا... باقية وتتمدد في سوريا؟

محسن المختفي 

شكل إعلان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عن تشكيل قوة حدودية جديدة في سوريا، مفاجأة للأطراف الدولية الفاعلة في الحرب الدائرة في البلاد، في تطور من شأنه أن يضيف تعقيدات على المشهد السوري ومحادثات السلام المرتقبة التي تهدف لايجاد حل للازمة.

والقوة الجديدة التي أعلن التحالف الدولي عنها، قوامها 30 ألف عنصر وستكون تحت قيادة "قوات سوريا الديمقراطية" الكردية، الامر الذي إعتبرته روسيا أنّها خطوة من شأنها تقسيم سوريا، فيما إعتبرت تركيا أنّ هذه القوة "جيش إرهابي وأميركا تلعب بالنار"، في مقابل إستنكار حكومي سوري للأمر وتأكيد على أنّ "هذه الميليشيات ستعرقل الحل السياسي للوضع في سوريا".

وفي هذا الصدد، يعتبر الكاتب السياسي جوني في حديث لـ"الجديد"، أنّ "هناك إصراراً أميركياً على ألا يكون الأكراد ضحية كاملة. فالأكراد تعرضوا الى نكسة، إذ كانوا يعتقدون وقدمت لهم وعود بأنّه سيكون هناك دويلة لهم. الا انّ هذا الموضوع ضُرب وتُرك بعد رفض الاتراك والايرانيين ومختلف القوى لذلك. من هنا اعتقد انّ الاميركيين كانوا يدركون سلفاً انّ هناك استحالة لاقامة دويلة للاكراد".

"وعليه، يبدو انّ الاميركيين إتجهوا في المرحلة الثانية الى مسألتين: الاولى، هي وعد الاكراد بأن يكون لهم منطقة حكم ذاتي ضمن الدولة السورية، والثانية وهي من اجل ان يكون الاكراد نوع من الجنود للولايات المتحدة الاميركية تماماً كما كان دورهم خلال الحرب السورية. بمعنى ان يتولى الاكراد المهمات البرية ومهمات الفصل وان يكون تحت إمرة القيادة العسكرية الاميركية، وهو ما يريده الاميركيون لانّه يوفر عليهم مخاطر الخسائر البشرية التي يمكن ان يتعرضوا لها، وبالتالي ستكون مهمتها التضييق على تركيا او ربما وضع حدود لها بما معناه عدم تركها تتوغل في المناطق التي لا تريد الولايات المتحدة ان تتوغل انقرة فيها وايضاً من اجل ان يؤمن هؤلاء الاكراد حاجزاً بوجه ايّ تمدد ايراني او توسيع نطاق النفوذ الايراني من خلال الخط الشيعي عبر سوريا، اضافة الى مهام اخرى منها حماية المصالح الاميركية في سوريا"، بحسب منير.

ويضيف: "إنّ الولايات المتحدة الاميركية ستبقى لفترة طويلة في سوريا بعد انتهاء الحرب وكذلك روسيا، واعتقد انّ هذا الامر اصبح مسلماً به بحكم الامر الواقع ولو انّه لا يحظى بالقواعد والمواثيق الشرعية التي تحكم العلاقات على مستوى وجود قوى غريبة على ارض دولة ثانية. ومن المؤكد انّ الولايات المتحدة ستستمر في تواجدها في البلاد لفترة طويلة وربما لاحقاً تقوم بترتيب هذا الوضع وسيكون لها حضور من خلال 2500 خبير عسكري اميركي على الاقل. القوة الحدودية الجديدة عمادها الاكراد وهم سيتولون تشكيلها".

ويلفت منير إلى أنّ "هذا الوضع من شأنه أن يأخذ من درب المصالح الروسية، لانّه يشكل بديلاً عن هذه المصالح ويوسع من القدرة الاميركية ويحدّ من القدرة الروسية. انّ ذلك يؤدي الى خلاف حول عناوين صغيرة، لكنّ في العناوين الكبيرة إنّ الولايات المتحدة وروسيا متفقتان".

ويشير إلى أنّ "هناك إلتقاء مصالح لعدد من النقاط بين عدة أطراف، واعلان التحالف الدولي هذا هو احدى هذه النقاط التي تؤدي الى إلتقاء في المصالح بين تركيا وروسيا وبين الدولة السورية وإيران أيضاً"، معتبراً أنّ "مؤتمر سوتشي هو بداية لتأكيد شرعية الحضور الروسي في سوريا الى جانب اجتراح حلول للتسوية السورية. لكنّ الهدف الاساسي منه يبقى التأكيد على الدور الروسي في سوريا، وهذه هي النقطة المراد منها وهي انّ روسيا هي صاحبة المرجعية الكبرى في مفاصل اساسية في سوريا والمحيط ايضاً"، يختم منير.