وفاء أيوب
حال انهيار كبيرة تعيشها الفصائل المسلحة في سوريا بعد الإنجازات المتلاحقة التي حقّقها الجيش السوري وحلفاؤه في حلب خلال ساعات قليلة، وجديدها استعادة السيطرة على كامل حي الشيخ سعيد والأجزاء التي كان يسيطر عليها المسلحون في سيف الدولة جنوب المدينة، ما يعني انهيار كامل جبهة القتال الجنوبية فيما باتت سائر الأحياء ساقطة عسكرياً.
وبذلك يمكن القول إنّ مسألة تحرير ما تبقى من أحياء حلب التي كان يسيطر عليها المسلحون بالكامل هي مسألة ساعات، ولا طريق أمام الفصائل المسلحة سوى الموت أو الاستسلام، فما تبقى من المناطق الخاضعة لهم لا يتعدّى 5% من كامل المساحة التي كانوا يسيطرون عليها قبل بدء الحملة العسكرية والتي كانت أولى ثمارها تحرير حي مساكن هنانو، الحي ذاته الذي دخلت الفصائل المسلحة منه إلى حلب عام 2012، يؤكد الصحافي السوري علاء حلبي لـ"الجديد".
ويوضح حلبي أن عشرات الأحياء التي تمّ تحريرها معظمها مناطق مخالفات بالإضافة إلى حلب القديمة التي تشكل تراث حلب.
القرار السياسي اتخذ من قبل الحكومة السورية ولا رجعة عنه بتاتاً، خصوصاً بعدما كانت العوامل السياسية كافة مؤاتية لشنّ العملية في هذا التوقيت من ضمنها انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، بحسب حلبي.
كما أنّ الجلوس على طاولة المفاوضات مع ترامب مع مكاسب ميدانية يدعم العملية السياسية، خصوصاً مع تعنّت المعارضة في المرحلة الماضية والتفاوض بشروط من ضمنها رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وهو شرط سقط حالياً مع استعادة حلب التي تمثل، وفق حلبي، "انعراجة" في خط سير الحرب وبوابة نحو حلّ يتوافق مع إرادة المحور السوري الروسي الإيراني في مقابل عدد كبير من اللاعبين الدوليين كتركيا ودول الخليج وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا.
ولكن ماذا بعد حلب؟ وإلى أيّ مدى سيساعد تحريرها الجيش السوري في بسط سيطرته على كامل البلاد؟
محافظتان لا تزالان خارج سيطرة الجيش هما الرقة التي يسيطر عليها "داعش" وإدلب الخاضعة لسيطرة جبهة النصرة بالإضافة إلى ريف حلب الشمالي وريف حمص وريف حماة وريف درعا وما تبقى من ريف دمشق والقنيطرة، وهي تشكل مساحات شاسعة من سوريا.
والمعركة ستتركز في المرحلة المقبلة في ريف دمشق ومدينة الباب في ريف حلب الشرقي، وهي لن تكون سهلة، بحسب حلبي، ولكن المسألة مرتبطة بالمتغيرات السياسية، والواضح أنّ هناك اتفاقاً روسياً تركياً حول الباب، وهو ما يفسّر توقف عمليات درع الفرات نحو المدينة.